كتبت المقال رامونا وادي، ورأت أن رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، حملت الولايات المتحدة جانبًا من المسؤولية عن تراجع نفوذ التكتل السياسي في غزة، حين قالت في مؤتمر "المعهد الأوروبي لدراسات الأمن" هذا الأسبوع إن واشنطن تمتلك نفوذًا مختلفًا لأنها تدعم بشكل مطلق ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية. ومع ذلك، تشير وادي إلى أن تركيز كالاس على "الأزمة الإنسانية" في غزة يظل ضيقًا ولا يضع الاتحاد في مواجهة حقيقية مع الولايات المتحدة، إذ إن الطرفين يتفقان في صمتهما على جريمة الإبادة المستمرة التي تنفذها إسرائيل.

وذكرت ميدل إيست مونيتور أن الاتحاد الأوروبي، شأنه شأن الولايات المتحدة، اكتفى برفع شعارات "المبادئ" في بداية الحرب ووقف إلى جانب السردية الإسرائيلية حول الأمن، ولم يغير موقفه إلا بعد أن أصبحت المأساة الإنسانية في غزة غير قابلة للتجاهل. عندها بدأ الاتحاد بالتركيز على المساعدات الإنسانية متجاهلًا جوهر القضية وهو إنهاء الإبادة. تساءلت الكاتبة: كيف يعوق النفوذ الأميركي قدرة الاتحاد على التحرك بينما الهدف الأساسي لدى الطرفين يظل ضمان بقاء المشروع الاستعماري الإسرائيلي؟

أشارت كالاس إلى غياب التوافق داخل الاتحاد حول غزة، وهو ما انعكس في الجدل بشأن التعامل مع مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق بنيامين نتنياهو ويوآف جالانت. كما ظهرت دعوات لفرض حظر سلاح على إسرائيل، لكن لم يجرِ تطبيقها. حتى النقاش حول تعليق جزئي لمشاركة إسرائيل في برنامج "هورايزون أوروبا" للأبحاث العلمية انتهى بلا نتيجة، ليخرج التقرير الرسمي بعبارة مبهمة تقول إن هناك "مؤشرات" على انتهاك إسرائيل التزاماتها الحقوقية بموجب اتفاقية الشراكة مع الاتحاد، من دون أن يصف ما يجري بالإبادة. فإذا كان هناك مجرد "مؤشرات"، فلماذا تُعاقب إسرائيل أصلًا؟

توضح الكاتبة أن الاتحاد الأوروبي أعاد إنتاج خطاب الولايات المتحدة نفسه، ولم يُقيد حتى نفسه باستخدام نفوذه، بل ظل متمسكًا بأولوية بقاء إسرائيل. وتستحضر تجربة الاتحاد مع إدارة دونالد ترامب، حين حاول التمايز عن واشنطن في بعض القضايا لكنه فشل في ترجمة ذلك إلى سياسات ملموسة. ومع إدارة جو بايدن، التي منحت الضوء الأخضر للإبادة، عاد التوافق بين الطرفين، ما يجعل التذرع بتغير الإدارات الأميركية غير مقنع اليوم. في درجات متفاوتة من الاستعمار والإمبريالية، يقف الاتحاد والولايات المتحدة في خندق واحد.

وعلى الرغم من مرور ما يقرب من عامين على الإبادة في غزة، لا يزال الاتحاد عاجزًا عن التوصل إلى توافق حتى بشأن "إجراءات عقابية أولية" ضد شركات ناشئة إسرائيلية، وفق ما خرج به الاجتماع الأخير في كوبنهاجن. بعض الحكومات الأوروبية بدأت تتحدث عن مبادرات وطنية متأخرة، لكن الجوهر لم يتغير: الاتحاد والولايات المتحدة لا يرغبان في معاقبة إسرائيل، بل يفضلان غض الطرف بينما تُكمل مشروعها الاستعماري. في النهاية، تخلص وادي إلى أن الحديث عن "القيم المشتركة" ليس سوى ستار يخفي التواطؤ، إذ يصعب العثور على قيم مشتركة عندما يتعلق الأمر بدمار غزة.

https://www.middleeastmonitor.com/20250904-no-conflict-over-shared-values/